فصل: البحث الأول العضلات الثلاث الآتية إلى الكتف من الصدر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تشريح القانون (نسخة منقحة)



.البحث الثالث العضلات التي تبسط الصدر وتقبضه:

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه:
وأما العضل التي تقبض وتبسط معًا.
إلى آخر الفصل.
الشرح:
كل ضلعين فلا بد وأن يكون بينهما عضل يسد الخلل بينهما ويشد كل واحد منهما بالآخر حتى يكون وضعهما محفوظًا موثقًا.
وهذا وإن أمكن أن يكون بغير العضل إلا أن العضل أولى لأن لها مع ذلك نفع في فعل الصدر.
وهو الانبساط والانقباض وينبغي أن يكون هذا العضل آتيًا من فقار الصلب واصلًا إلى عظام القص ليكون سادًا لجميع ما يقع بين الضلعين ولكن وضع هذا الليف يجب أن يكون في وضعه مخالفًا لو ضع العضل لأن هذا العضل آخذ من خلف إلى قدام.
وأما الليف فيجب أن يكون آخذًا من فوق إلى أسفل ليكون واصلًا بين الضلعين.
وينبغي أن يكون سلوكه كذلك بتوريب.
فإنه لو كان منتصبًا لم يكن قابلًا للتمدد الذي يوجبه بسط الصدر قبولًا سهلًا ضرورة أن يكون حينئذٍ على أقصر الطرق الواصلة بين الضلعين وينبغي أن يكون سلوكه كذلك بتوريب فإنه لو كان منتصبًا لم يكن قابلًا للتمدد الذي يوجبه بسط الصدر قبولًا سهلًا ضرورة أنه يكون حينئذٍ على أقصر الطرق الواصلة بين الضلعين وينبغي أن لا يكون كله على وضع واحد بل على وجه مقاطع بعضه بعضًا ليكون بعضه مرتبطًا ببعض فيكون تأليفه قويًّا فلذلك تكون هيئته على صورة كتابة السين في كتابة اليونان.
قال جالينوس: وعدد هذه العضلات اثنتان وعشرون عضلة إذ بين كل ضلعين عضلة واحدة وليس بين الطرفين وبين غيرها هذا النوع من العضل وعدد الأضلاع أربعة وعشرون ضلعًا وأما صاحب الكتاب فقد جعل كل واحدة من هذه العضلات أربع عضلات فيكون عددها ثمانيًا وثمانين عضلة.
واحتج على ذلك بأن هيئات الليف في كل واحدة منها على أربعة أحوال وذلك لأن كل واحد من هذه كلها أجزاء تلي الصلب.
وهو حيث الأضلاع منحدرة من فوق إلى أسفل وجزء يلي القص وهو حيث الرؤوس الغضروفية.
والليف في كل واحد من الجزأين ما كان منه إلى خارج الصدر فهو على خلاف هيئة ما هو فيه إلى داخله فلذلك تكون ألياف ما بين كل ضلعين على أربعة أو جه.
فيكون ذلك أربع عضلات.
ونحن نقول: إن الأمر كذلك لا لأن هذه الألياف مختلفة الوضع فقط بل لأن فعلها مختلف أيضًا.
وذلك لأن الألياف التي من جهة الصلب ما كان منها إلى خارج الصدر فهو باسط وما كان منها إلى داخله فهو قابض والألياف التي من جهة القبض بالعكس أعني ما كان منها إلى خارج الصدر فهو قابض.
وما كان منها إلى داخله فهو باسط واختلاف الأفعال لا شك في دلالته على اختلاف العضل.
وقال جالينوس: إن مع هذه العضلات زوج صغير يجذب الضلع الأول إلى فوق كما تجذب عضلتان أخريان الضلع العاشر والحادي عشر إلى أسفل وأما الضلع الثاني عشر فهو خارج من الحجاب ويلتحم بالعضلة الصغيرة من العضل المؤرب الذي على البطن.

.الفصل السادس عشر تشريح عضل حركة العضد:

والكلام في هذا الفصل يشتمل على ثلاثة مباحث:

.البحث الأول العضلات الثلاث الآتية إلى الكتف من الصدر:

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه:
عضل العضد هي المحركة.
إلى قوله: وعضلتان تأتيان من ناحية الخاصرة وتتصلان أدخل.
الشرح:
لما كان مفصل العضد مع الكتف محتاجًا إلى أنواع كثيرة من الحركات الإرادية التي إنما آلام بالعضل.
وكان تحريك المستطيل من طرفه رفعًا وإلى الجانبين ونحو ذلك مما يحوج إلى قوة قوية جدًّا وجب أن تكون العضل المحركة لهذا المفصل كبيرة عظيمة وإنما وجب أن يكون اتصال هذه العضلات بطرف العضد لأنها لو اتصلت بغير ذلك الموضع لزمها عند التحريك رفع ما فوق أو تارها من الجلد وذلك عسر مؤلم وأول هذه العضلات المذكورة في الكتاب ثلاث الأولى: تبتدئ من تحت الثدي وهو الموضع المنخفض الخارج عنه وتلتحم أكثر أجزائها بالعضلة الثالثة التي نذكرها وتنتهي إلى وتر غشائي ويلتحم في مقدم العضو في الجزء المعروف بزيق النقرة خاصة الذي من قدام وإنما جعل هذا الوتر غشائيًا ليتسع له ولعظم العضد الزيق فإذا تشنجت هذه العضلات جذبت العضد مقربة له من الصدر لأن ابتداء ليفها من هناك وتقريبها له من الصدر مع اشتراك لأن موضع اتصالها بالعضد أعلى من موضع اتصالها بالصدر وهذا الاشتراك ليستتبع الكتف لارتباطه بالعضد بالأربطة التي عرفتها عند كلامنا في العظام.
والعضل الثانية: تبتدئ من العظم الثاني والثالث والرابع والخامس والسادس من عظام القص ويصعد إلى الجزء العالي من رأس العضد وهو الذي يلي الترقوة وهناك يلتحم برباط غشائي حول هذا المفصل.
ووتر هذه العضلة أقوى من وتر التي قبلها وذلك لأمرين: أحدهما أن وتر تلك احتيج أن يكون غشائيًا لما ذكرناه ويلزم ذلك أن يكون ضعيفًا لأجل رقته.
وثانيهما: أن تحريك تلك العضلة هو تقريب العضد من الصدر مع اشتراك وذلك أسهل من تحريك هذه وهو تقريب العضد من الصدر مع استرفاع.
وسبب ذلك أن وترها يأتي طرف العضد من فوق والعضلة الثالثة هي أعظم هذه العضلات وتبتدئ ليفها من جميع عظام القص ويمر الجزء الأعلى من ليفها عرضًا إلى موضع الكتف لأن منشأه على محاذاته أو بالقرب من ذلك ويمر الجزء الأسفل منه إلى هناك صاعدًا على توريب لأن منشأه هذا الجزء من أسافل القص فيكون طريقه إلى الكتف لذلك قال جالينوس: أن للأول أن يضع أن هذه عضلتان لا عضلة واحدة وذلك لأجل اختلاف المذكور في ليفها أو ليف جزئها السافل شديد المخالفة لليف جزئها العالي وكلا الجزأين كبيران لكن العالي أكبر كثيرًا إذ الثدي موضوع على هذه العضلة لأنه في طريق سلوكها.
والجزء اللحمي من الإبط الذي في مقدم الصدر من هذه العضلة إلا القليل منه وأكثر ذلك من الجزء السافل منها وذلك لأن هذا الجزء من الإبط لما كان جذب الجزء من العضلة للعضد حينئذٍ قويًّا إذ لا يكون ذلك الجذب معتمدًا على عظم لأنه لو لم يكن جذبًا إلى المنشأ بل إلى موضع الزاوية المنفرجة فلذلك احتيج أن يكون نفوذ هذا الجزء إلى الكتف على وجه يجذب عنه هذا الجزء من الإبط.
وسواء كان هذا الجزآن عضلة واحدة أو عضلتين فإن الوتر الجاذب منهما واحد وهو وتر دقيق بالقياس إلى ما يقتضيه جرم هذه العضلة ومع ذلك فلحميته قليلة وإنما خلق كذلك ليكون مع دقته شديد القوة وإنما أريد أن يكون دقيقًا لئلا يثقل طرف العضد ويغلظه واتصال هذا الوتر هو بأسفل مقدم العضد فإذا تشنج جزؤها العالي أقبل بالعضد نحو الصدر رافعًا له إلى فوق قليلًا لأن ليف هذا الجزء يرتفع بعضه عن طرف العضد فإذا تشنج جزؤها الأسفل أقبل العضد نحو الصدر خافضًا له لأن جذب هذا الجزء يكون على تأريب كما هو وضع ليه فإذا تشنج الجزآن معًا أقبلا بالعضد نحو الصدر على استقامته من غير رفع ولا خفض لأن ما يقتضيه كل واحد من الجزأين من ذلك يبطله الجزء الآخر وإنما تتكافأ القوتان في ذلك فلا يكون الرفع أولى بسبب كون الجزء العالي أكبر وذلك لأن هذا الجزء وإن كان اكبر فليس جميع أجزائه ذاهبًا إلى رأس العضد في أعلاه بل بعضه يكون أسفل من محاذاة ذلك الموضع وهو ما قرب من الجزء السافل. والله ولي التوفيق.

.البحث الثاني عضلتي الخاصرة المحركتين للصدر:

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه:
وعضلتان تأتيان من ناحية الخاصرة تتصلان.
إلى قوله وخمس عضلات منشؤها من عظم الكتف عضلة منها منشؤها.
الشرح:
أما الأولى من هاتين العضلتين فهي أغلظ وأطول من جميع العضل المحركة لعظم العضد ومنشؤها من الفقار الذي يتصل بها أضلاع الخلف ويلتحم على عضل الصدر صاعدة حتى تلتحم أيضًا بقاعدة الكتف ثم تمتد إلى قدام على تأريب يسير ملتحمة مسافة ما على العضل الموضوع على الضلع المنخفض من أضلاع الكتف فإذا بلغت محاذاة الإبط صعدت إلى عظم العضد والتحمت به بوتر قوي جدًّا إلى العرض ما هو والتحامها به من الناحية الداخلة من وتر العضلة العظيمة الصاعدة التي تقدم ذكرها وهي إحدى تلك العضلات الثلاث.
وهذه العضلة تلتحم بعضلتين: إحداهما: موضوعة فوقها في نفس الإبط.
والأخرى تبلغ إلى مفصل المرفق.
وإذا تشنجت هذه العضلة جذبت العضد إلى جهة ضلوع الخلف لان تشنجها يكون إلى هناك وإنما خلقت عظيمة لأن تحريك المستطيل من طرف هذه الحركة عسر جدًّا.
وأما العضلة الثانية فهي عند مبدئها رقيقة جدًّا وتزداد غلظًا كلما ارتفعت ومبدؤها من الأغشية التي تحت الجلد الذي على عظم الخاصرة.
فلذلك ولرقتها هناك جهلها كثير من المشرحين لأنها تنكشط مع الجلد عند السلخ فلا يظهر لهم فإذا بلغت الإبط ازدادت غلظًا كثيرًا حتى ترى هناك عضلة ظاهرة وينتهي إلى وتر غشائي.
وهذه تفعل فعل الأولى لأن مبدأ هذه أميل إلى قدام من تلك.
وتتصل بطرف العضد فإذا جذبت بتشنجها رأس العضل إلى قدام مال ما فيه إلى خلف وإنما لم تحتج هذه عند مبدئها أن تكون متصلة بعظم لأنها لطولها تكثر الأجزاء التي تتصل بها من الأغشية ونحوها فيقوم ذلك لها مقام العظم لو كانت قصيرة وسبب اختصاص هذه بذلك أنها مع عظمها لا تحتاج أن تكون قوية جدًّا لأنها يقصد منها فعل مستقل بل أن تكون معينة للمذكورة قبلها. والله ولي التوفيق.